أصبحت جزر الأميرات (Prens Adaları)، التي كانت مجرد منفى للأمراء في عهد الإمبراطورية البيزنطية، من المعالم السياحية الأكثر زيارة في إسطنبول سواء من الزوار المحليين أو الأجانب.
تنظم رحلات طيلة أيام الأسبوع إلى جزر الأميرات، وتزداد كثافة في عطلات نهاية الأسبوع من قبل الزوار الأتراك الذين ضاقوا من صخب المدينة وزحامها الشديدين، بالإضافة إلى السياح الأجانب الذين يأتون إلى تركيا لقضاء أوقات ممتعة وسط الطبيعة وبعيدًا عن دخان عوادم السيارات.
الجزيرة الكبيرة بويوك آدا
تعتبر الجزيرة الكبيرة بويوك آدا (Büyükada) أكبر جزر الأميرات لذلك سُميت بهذا الاسم، بعد أن كانت تُسمى “Prinkipos”، أي جزيرة الأميرة باللغة اليونانية القديمة. تبلغ مساحتها نحو 5.4 كيلومتر مربع. يبلغ تعداد السكان الأصليين للجزيرة خلال فصل الشتاء نحو ألفين نسمة، بينما يرتفع هذا العدد خلال فصل الصيف بشكل ملحوظ.
تضم الجزيرة الكبيرة تلتين، الأولى تطل على الجهة الجنوبية والثانية تطل على الجهة الشمالية. تُسمى التلة الجنوبية بالتلة العظيمة “Yücetepe”، ويبلغ ارتفاعها 203 أمتار عن سطح البحر. بينما يبلغ ارتفاع التلة الشمالية نحو 164 مترًا، وتُسمى تلة الدير “Manastır Tepsi”.
يعتبر كنز الجزيرة الكبيرة المكون من عملات ذهبية تعود إلى حقبة الملك فيليب الثاني ملك مقدونيا ووالد الإسكندر الأكبر، والتي عُثر عليها عام 1930 بالقرب من مقابر الأرثوذوكس الروم في منطقة كاراجا بيك، من أقدم المعالم الأثرية الدالة على تاريخ الجزيرة.
نقلت العملات الذهبية المكونة من 207 قطع إلى المتحف الأثري في إسطنبول. وقد كانت الجزيرة الكبيرة أيضًا كغيرها من جزر الأميرات أحد مراكز النفي إبان الإمبراطورية البيزنطية القديمة.
واعتبارًا من العقد الرابع من القرن الماضي، بدأت الجزيرة تتزين بالقصور والأبنية المزخرفة والملونة، والتي أضافت جمالًا لجمال الجزيرة الطبيعي، لتجعل الجزيرة أحد أهم المزارات السياحية في إسطنبول.
يقع على قمة أعلى هضاب الجزيرة كنيسة ودير “آية يورجي” (Aya Yorgi)، التاريخيان. شُيد أول بناء في هذه المنطقة في القرن السادس بعد الميلاد. وتضم هذه المنطقة عددا من أطلال الكنائس والأديرة، تمكن بعضها من الوقوف على مر التاريخ، بينما لم يصمد البعض ولم يصل منها إلى يومنا هذا إلا بعض الأطلال.
بينما تقع على تلة عيسى “İsa Tepesi”، كنيسة ودير خريستوس (Hristos) بالإضافة إلى دار أيتام الروم. وعلى الرغم من تحول دار أيتام الروم إلى أطلال واستحالتها إلى خرابة من الهدم والأطلال، إلا أنه يعتبر أكبر مبنى خشبي في العالم.
يعتبر جامع الحميدية أكثر الجوامع جذبًا للانتباه، بين أربعة جوامع تضمها الجزيرة، من حيث الطراز المعماري والهندسي. شُيد من قبل السلطان عبد الحميد الثاني.
وبجانب الطبيعة الخلابة للجزيرة القديمة، فإنها تحمل طابعًا تاريخيًا يجلعها من أكثر الأماكن زيارة من قبل الزوار المحليين والأجانب. وتتميز الجزيرة بإمكانية التجول فيها باستخدام الدراجات والدراجات النارية وعربات الحنطور، بسبب منع دخول السيارات والمركبات ذات المحركات، عدا المركبات الرسمية.
يعرض متحف جزر الأميرات الذي يعتبر أول متحف معاصر مفتوح في إسطنبول، مئات الوثائق والمعروضات حول تاريخ الجزر منذ نشأتها وحتى يومنا هذا، بالإضافة إلى 20 ألف وثيقة، و6 آلاف صورة فوتوغرافية، ومئات الأفلام الوثائقية، وعددا من التسجيلات المصورة والنصية التي تسرد للزوار قصة الجزيرة التي كانت منفى للأمراء وأصبحت جزيرة للأميرات.
جزيرة هيبيلي آدا أكثر الجزر خضرة (Heybeliada)
تعتبر جزيرة هيبيلي آدا أكثر جزر الأميرات خضرة وتنوعًا من حيث الغطاء النباتي. وكانت تُعرف قديمًا باسم جزيرة “Halki”، وهو ما يعني باليونانية القديمة “النحاس”.
تتكون جزيرة هيبيلي آدا من أربعة تلَّات رئيسية؛ وتعتبر ثاني أكثر جزر الأميرات زيارة من قبل الوفود السياحية، سواء في فصل الصيف أو الشتاء. يبلغ عدد سكان الجزيرة خلال فصل الشتاء نحو 7 آلاف نسمة، بينما يزداد هذا الرقم بشكل ملحوظ خلال فصل الصيف. ومع حساب زوار الرحلات اليومية التي تشهدها الجزيرة يصل تعداد سكانها نحو 50 ألف نسمة.
تضم الجزيرة كنيسة “كامرايوتيسا” (Kamariotissa)، وهي الكنيسة البيزنطية الوحيدة في الجزيرة، وهي أيضًا الكنيسة الوحيدة التي شيدت على شكل زهرة البرسيم، خارج إسطنبول. كما تضم الجزيرة أيضًا دير آيا يورجي “AyaYorgi” ودير تاركالدنيا “Tarik-i Dünya” أحد المعالم الجديرة بالزيارة في الجزيرة.
ويعتبر شاهد مقبرة سفير الملكة البريطانية إليزابيث الأولى، إدوارد بارتون، ثاني المعالم التاريخية المتبقية في الجزء العسكري من الجزيرة. كما تضم الجزيرة أيضًا عددا من المعالم الأثرية والتاريخية المهمة مثل: دير “Ayia”، ومدرسة الرهبان الأرثوذوكس الرومانية، وقصر عباس حلمي باشا، بالإضافة إلى أول مصحة علاجية في تاريخ تركيا.
الحافلات البحرية التابعة لبلدية إسطنبول، التي تنطلق من مرافئ بوسطانجي وكاباطاش وكارتال من إسطنبول هي التي تنقل الركاب من وإلى الجزيرة والجزر الأخرى. كما تمنع فيها أيضا المركبات ذات المحرك.
جزيرة بورغاز آدا (Burgazada)
تعتبر هذه الجزيرة الثالثة بين جزر الأميرات من حيث المساحة. وتضم الجزيرة تلة واحدة تعرف باسم تلة العَلَمْ”Bayrak tepesi”.
تتميز الجزيرة بجوها النظيف، وطبيعتها الخلابة التي تزينها أشجار الصنوبر، فضلًا عن مناخها المعتدل، وشواطئها، وقصورها التاريخية بعد ما مرت به من أعمال ترميم. وتضم الجزيرة كذلك عددا من البيوت الصيفية والشاليهات الخاصة بالفنانين والأثرياء، وتعتبر أسعار العقارات في الجزيرة مرتفعة جدًا، سواء كان إيجارا أو تمليكا.
وتعتبر القصور التاريخية الجميلة الموجودة بالجزيرة، بالإضافة إلى شارع النزهات، وشارعي “Gönül” و”Mehtap” الواقعين عند سفح التلة المطلة على الشاطئ، من أكثر الأماكن زيارة في الجزيرة.
يقع في الجهة الشرقية من المرسى البحري للجزيرة أقدم شاطئ بحري بها، والذي يضم منارة بحرية ترشد السفن إلى الجزيرة.
وفي الجهة الأمامية من الشاطئ، يوجد مكان يسمى “كالبازان كايا” (KalpazanKaya)، والذي يضم خليجًا بحريًا صغيرًا يعتبر أكثر الأماكن السياحية زيارة في الجزيرة. ويقع في الجهة الشرقية منه خليج مارتا “Marta”، أما في الجهة الشمالية الغربية فيقع دير آيه يورجي “Aya Yorgi”.
لم يتم تشييد أي جامع بالجزيرة حتى عام 1953، حتى تم تشييد الجامع الأول عام 1953 على الأرض التي طرحتها بلدية إسطنبول لهذا الغرض.
جزيرة كينالي (Kınalıada)
تعرف هذه الجزيرة باسم كينالي آدا باللغة التركية، وهو ما يعني “الجزيرة المحنَّاه”، عرفت الجزيرة بهذا الاسم بسبب لونها المائل إلى الأحمر نتيجة غطاءها النباتي المكون بشكل كبير من نباتات “Maki” ذات اللون الأحمر. وتتكون الجزيرة من ثلاث تلال رئيسية هي تلة شجرة الدلب”ÇınarTepesi”، والتشويقية “Teşvikiye”، والدير “Manastır”.
تشير المصادر التاريخية إلى أن جزيرة كينالي كانت مصدرًا للصخور والحجارة التي استخدمت في بناء الأسوار البيزنطية والرومانية القديمة. وتعاني الأرض بالجزيرة من الضعف بسبب استخراج كميات كبيرة من الصخور الموجودة فيها في فترات سابقة.
ويعتبر أكثر العناصر المميزة للجزيرة أجهزة الاستقبال الخاصة بمحطات الإذاعة والتليفزيون.
يعتبر التعداد السكاني للجزيرة قليلا بسبب تأخر تأسيس شبكة المياه وتوصيل الكهرباء إليها. إذ وصلت الكهرباء إلى الجزيرة عام 1946، بينما تم تأسيس شبكة المياه العذبة الصالحة للشرب عام 1981.
كان السكان الأوائل للجزيرة من أصول أرمنية فقط، إلى أن بدأت هجرة كبيرة من المواطنين من الأتراك والروم بعد شروع رحلات الحافلات البحرية بين الجزيرة وإسطنبول.
جزيرة صدف (Sedef Adası)
تعتبر جزيرة صدف الأخت الصغيرة لجزر الأميرات من حيث المساحة. وتحمل الجزيرة هذا الاسم بسبب شكلها الخارجي الذي يبدو من بعيد مثل الصدف أو المحار. كانت تعرف في وقت من الأوقات بجزيرة الأرانب بسبب الأعداد الكبيرة التي كانت تضمها الجزيرة من الأرانب.
في عام 1850 انتقلت الجزيرة إلى ملكية دامات فريد باشا، الذي عمل على غرس أشجار الزيتون وزراعة الخضروات فيها. إلا أنه بعد وفاته ظلت النباتات بدون رعاية واختفت تمامًا مع اندلاع الحرب العالمية الأولى.
جزيرة “ياسّي آدا” (Yassıada)
يبلغ عرضها 185 مترًا وطولها 740 مترًا. وتتميز بأراضيها السهلة المسطحة، وتعتبر واحدة من جزيرتين تلقب ب”خيرسيز” أي عديمة الخير. وكانت هذه الجزيرة أيضًا كغيرها من جزر الأميرات أحد السجون التي نفي إليها الأشخاص غير المرغوبين فيهم.
اشتهرت الجزيرة عقب الانقلاب العسكري الذي شهدته تركيا خلال عام 1960، وشهدت عندها محاكمة وإعدام رئيس الوزراء الأسبق عدنان مندريس، وعدد من الساسة من بينهم فطِن رشدي زورلو، وحسن بولاتكان. كما شهدت الفترة التالية أيضًا محاكمة عدد من الساسة المدنيين، واحتجاز عدد آخر منهم.
وفي عام 1993 أحيل حق استخدام الجزيرة إلى كلية الموارد المائية التابعة لجامعة إسطنبول، وبعد ذلك في عام 1995 ترِكت الجزيرة وأصبحت مهجورة منذ ذلك الوقت.
جزيرة سيفري (Sivriada)
هي الجزيرة الثانية من جزيرتي “خيرسيز” أي عديمة الخير، وتعتبر الجزيرة غير مأهولة بالسكان. ويبلغ ارتفاع قمة التلة التي تتوسط الجزيرة نحو 90 مترًا من سطح البحر.
يقع في الجهة الجنوبية من الجزيرة ميناء بحري، وتضم بئر ماء جوفية عذبة واحدة فقط. كانت في فترة من الفترات تستخدم كمنفى للمعارضين وغير المرغوبين فيهم، وكان في العصور القديمة أحد الأماكن المفضلة لمحبي العزلة.
تضم الجزيرة ديرا قديما يعود للقرن العاشر الميلادي، إلا أنه لم تبق منه سوى أطلاله فقط. وكانت الجزيرة في فترة من الفترات أحد مناجم الحجارة والصخور المستخدمة في أعمال البناء في عصر الدولتين البيزنطية والعثمانية. وتشير الوثائق التاريخية إلى أن نقل الأحجار كان يتم من ميناء حيدر باشا بإسطنبول.
وفي عام 1911، تم نقل الكلاب الضالة من إسطنبول إلى الجزيرة، وتعتبر هذه الواقعة غاية في الأهمية في تاريخ الجزيرة التي شهدت صراع البقاء بين الكلاب التي كانت تقتل بعضها بسبب الجوع والعطش.
جزيرة الملعقة “كاشيك أداسي” (Kaşıkadası)
تقع في الجهة الشرقية من جزيرة بورغاز. كانت تُعرف في الماضي باسم “بيتا” (Pita). وبعد ذلك سميت باسم جزيرة الملعقة بسبب تكونها الطبوغرافي الشبيهة لشكل الملعقة.
تمتد الجزيرة بطول بضعة مئة متر، وتضم مرسى بحري صغير بالإضافة إلى منزلين صغيرين فقط. تعتبر الجزيرة من الأملاك الخاصة، ولم يتم إتاحتها للسكان في أي فترة من الفترات. كانت الجزيرة بيعت لصالح أسرة أجنبية تُعرف باسم “دانون” خلال عام 1950، وبعد ذلك بيعت لصالح أحد شركات السياحة.
جزيرة الأرانب “تاوشان أداسي” (Tavşan Adası)
تقع الجزيرة في أبعد نقطة من جهة الجنوب من جزر الأميرات، وتعتبر أبعدها. تخلو الجزيرة تمامًا من الغطاء النباتي والأشجار وتظهر كقطعة صخرية في وسط البحر. يبلغ طولها حوالي 90 متر فقط، وتضم تلة عالية يصل ارتفاعها إلى 40 مترًا من سطح البحر. تخلو الجزيرة كذلك من السكان، وتسمى بهذا الاسم بسبب كثرة الأرانب بها، والتي لا تزال تعيش إلى الآن. تُذكر الجزيرة في الخرائط الرسمية باسم “جزيرة صياد السمك” (Balıkçı adası).