في عام 1453م سجل التاريخ الحدث العظيم، الذي رفع من هيبة المسلمين وزادهم فخرا وعزة، وهو فتح القسطنطينية، تلك المعركة المشهورة، التي قادها السلطان محمد الثاني، بجيشه العثماني الأبي، حتى لقب بالبطل محمد الفاتح، ولأن هذا الحدث التاريخي، ولأنه فخر لجميع المسلمين عامة، ولمسلمي تركيا خاصة، لم تتردد الحكومة التركية في تخليده، وتاريخه على هيئة انجاز سينيماتوغرافي ثقافي تاريخي فريد من نوعه، أطلق عليه اسم متحف بانوراما 1453 (panorama 1453)، الواقع في منطقة "توبكابي" في اسطنبول، والذي تم افتتاحه في 31 كانون الثاني/ يناير2009، في عهد رئيس الوزراء الحالي رجب طيب أردوغان، على مساحة بلغت ثلاثة آلاف متر مربع.
عند دخول المتحف تعود الذاكرة إلى الوراء 560 عاما، وتعيش أحداث فتح القسطنطينية بأسلوب شيق ومميز، فتشعر وكأنك أمام المعركة الحقيقية، وعلى أرضها وتحت سماءها، من بدايتها وحتى الشعور بالفرحة التي عمت قلوب المسلمين لحظة الفتح، وذلك من خلال إدخال التكنولوجيا الحديثة المتطورة، والكثير من عوامل الإثارة، كالصور ثلاثية الأبعاد، والمؤثرات الصوتية والحركية الرهيبة، التي تمت من قبل أيدي الكثير من المهندسين والفنانين المبدعين.
بالإضافة الى وجود بعض الأسلحة والأدوات التي استخدمها الجيش في المعركة، مثل بعض القنابل والقذائف والقطع الأثرية المتناثرة هنا وهناك، والجبال وحتى الآبار والحفر.
يتكون المتحف من ثلاثة طوابق، يعلوها الطابق الأكبر والأكثر أهمية، هو طابق القبة العلوية، لعرض المعركة، فهي قبة دائرية الشكل، مؤلفة من 360 درجة، حيث توجد رسوم على جدرانها توضح معركة الفتح للمدينة، برسم متصل لا تعرف البداية من النهاية فيه، ويرافق ذلك مؤثرات صوتية مثيرة، لطلقات المدفع وطبول الحرب وصهيل الخيل وصيحات الجنود، وكأنه حقيقة، وأمام كل جزء من الرسم يوجد أسلحة وأدوات من التي استخدموها الجنود، ومن أبرزها المدفع العملاق، وأجزاء متبقية من أبراج الاقتحام، والأسلحة الشخصية لجنود المعركة.
وفي أسفل المتحف القبو، يتم فيه مشاهدة مجموعة من وسائل الشرح الحديثة، كالشاشات التلفزيونية والسينمائية، التي تشرح عن المعركة شرحا وافيا، وبعدة لغات، وفي الطابق الأوسط أو الثاني، معرض الصور والخرائط، التي توضح الحصار ومن ثم المعركة، وتمتلئ الجدران بالصور البانورامية لهذه المعركة، وموجود في آخره مجسمين للقبة، أحدهما صغير والآخر كبير.
على الرغم من أن المتحف لم يمر على تأسيسه سوى ثلاث سنوات، إلا انه يعد القطب الثقافي والتاريخي والسياحي، البارز والمهم جدا، حيث يزوره الكثير من كل حدب وصوب، لأخذ الصور التذكارية، والعيش في أحداث المعركة الرائعة، للإحساس بعزة المسلمين وكبريائهم العظيم.